صرخات صامتة..لا يسمعها أحد..
دفينة في قلب جريح..تلون بالشحوب..
ابتسامة ذابلة ..على شفاه يابسة ..
غاب عنها طيف الفرح...
دموع تصبغ الوجنات ..كثكلى فاقدة..
كيانٌ صريع ..هذا ما بقي مني..
إني أصارع ..أمواج الحياة..
في عاصفة..ليس لها نهاية ...ودوامات النكبات ..
تحيط بي .. من كل حدب وصوب..
مشاعر متخبطة ..تائهة ..تسكن قلبي..
ما أشد الاغتراب الذي يسكن في نفسي..
غربة ..تشعل نار الوحدة ..في زمن الضلال..
في أيام ليس فيها ..صديق أو خليل..تسكن له الروح ..
أبحث عن انتمائي..في حياة لم أجد فيها نفسي..
ولم أقرأ بين صفحاتها ..أي ذكر لأسمي...
أتجول في شوارع اكتست بوشاح الغموض ..
ولفاها ليل بهيم ..يغطيه ضباب لا ينقشع..
أين بقايا كياني الغريب ..الذي هجره السرور.؟
أين بقاياه التي تناثرت في هبوب الريح..؟
أين رماده المنثور في موقد الغربة..؟
قد يكون لغزاً حقيقا..
أين عساه يجد مأواه الذي كان عنه يبحث منذ أمد بعيد؟
مذ خرج من رحمٍ كانت يد اللطف..تباريه..
حتى أول صرخة له علت في فضاء هذه الحياة..
مذ أول جرح نزفت منه دماء آدمية اختلطت بالتراب ..
أتنفس الآن هواء الحيرة والضياع ..
أسمع ألحاناً..تنبعث من ناي القلب الحزين..
تدرك معانيها خمس حواس ..خيّم عليها المساء المظلم..
في هذا المساء..أحلم لو كانت هذه النجوم قريبة..
حتى أعانق نورها الخاطف ..في السماء العالية..
أتمنى لو كان هذا القمر..دانياً مني..
علني أجد فيه ..انتمائي الضائع ..
أتمنى لو كنت أملك جناحاً ملائكياً..
أحلق فيه في الفضاء اللا متناهي ..
أ زور كواكباً و أجراما..
أبدع خالق قدوس..في خلقها..
أعيش بعيداً عن عالم أنكر عليّ وجودي..
و أفارق أرضا جعلتني أقطن فيها غريبة الفكر ..والقلب .
هنا أستيقظ من حلم وردي رسمته لنفسي..
في لوحة أحاول فيها أن أحل لغز كياني ..
طُفت في مخيلتي..ودهاليز أفكاري..
فلم أجد حلاً..
غير قبر يحتضن ضياعي..
ويدثرني بترابه ..
في أكفان بيضاء..تلف بدناً عاف خلفه وحشة الحياة..
في دنيا التهمت زاده من مبادئ العيش السامية..
وتركته غريبا ..لا يملك سوى روح تناغي قلبا جريحا..
هناك في تلك الساعة المرتقبة..
سوف أغادر إلى حيث ملكوت الرحمة التي لا حد لها ..
حيث لا مكان لغربة أو ألم..
حيث تتلاشى صرخاتي ..وتُمسح دموعي..
وتنتهي حيرتي..ويختفي ضياعي..
حينها فقط سأسترد كياني الذي ضاع مني..
تلك هي ..اللحظة التي تدق فيها أجراس الرحيل..
التي لم يقدر قيمتها أحد..
حينها سأخلف أطلال الحياة الزائفة ..
ويبقى فقط ..تمثال روح ..وكيان..
تداعبها أغصان الشجر العارية..
في فصل الخريف.. الشاحب